السبت , أبريل 27 2024 الساعة 05 04
آخر الأخبار
الرئيسية / مقالات / مصر العظيمة بمواقفها

مصر العظيمة بمواقفها

عبير بدر

تقاس عظمة الدول والشعوب من مواقفها اثناء المحن، وليس بالضرورة ان يكون الموقف مادياً، فالمواقف المعنوية ايضا قد تكلف الدول مكاسب او خسائر مادية كبيرة، لكن ومع هذا التحدي يبقى الاحرار قادرون على تجاوز الخلافات ووضع السياسات جانباً انتصارا للانسانية.

اثناء الأزمة التي تلم بتركيا وسوريا جراء الزلزال المدمر يأتي موقف لبنان الصغير والمنهك والمضطرب كبيراً قوياً ثابتاً، فلبنان الذي يعاني انهيارا اقتصاديا منذ سنوات لم يدخر ما يمكن تقديمه لسوريا فأرسل شبابه في الدفاع المدني بآلياته المتاحة، وفتح كل معابره الجوية والبحرية أمام المساعدات التي تقصد سوريا المحاصرة.

من جهة اخرى لم يتردد الرئيس المصري بالاتصال للرئيس السوري وتقديم التعازي وتأكيد التضامن في هذه الكارثة الانسانية الأليمة للشعب السوري.
ولمصر الكثير من المواقف السياسية والانسانية التي لن ينساها شعبا سوريا واليمن تحديدا، بل وستُخلد بذاكرتهما التاريخية لأجيال وأجيال.

اتصال السيسي بالأسد أعاد للذاكرة كيف انه في الوقت الذي اُغلقت المطارات أمام اليمني اللاجئ من سعير الحرب ظلت ابواب مصر مشرعة امامه، البلد الذي يعاني أزمة اقتصادية وازدحاما سكانيا لم يتوانى في ان يستقبل اليمنيين كما استقبل قبلهم السوريين.. بالملايين.. بل انه احتضنهم وفتح الفرص أمامهم وعاملهم معاملة الإخوة؛ لهم ما لأبنائه وعليهم ما على أبنائه.. ولمصر العظيمة عهد قديم في هذا الجانب خلده القران الكريم “وقال الذي اشتراه من مصر لامراته إكرمي مثواه عسى أن ينفعنا او نتخذه ولدا”

في السياسة نعرف ان موقفاً كهذا له حسابات ربح وخسارة. ويمكن لهذا الاتصال أن يُغضب بعض اصدقاء مصر، لكن لأحفاد الفراعنة طريقتهم في خلق التوازن بين مقتضى التحالف السياسي وواجب التعاطف الإنساني، والأهم ان هذه الأزمة جعلت الجميع يدرك انه للطبيعة ايضا غضب يفوق قدرة السياسة على التعاطي معه.. هو أكبر من الحروب وأشد قسوة من الآلات العسكرية ولا أحد بمنأى عنه.

قبل ثلاثة أيام من حدوث الزلزال الذي حصد بلمح البصر عشرات الالاف من وفيات وجرحى ومفقودين وبنى تحتية كان عالما هولنديا يُدعى فرانك هوجربيتس تنبأ بحدوثه، غير انه لم يستطع معرفة موعده، وقال: المنطقة برمتها عرضة لزلازل اخرى لكن لا يمكن التنبأ بموعدها.
وبالنظر لدولة كاليابان احدى أكثر الدول تطوراً علمياً ندرك بأن البراكين والزلازل والكوارث الطبيعية لا يمكن التنبأ بوقتها.. ولا نملك في هذه الحالة إلا ان نتضامن إنسانيا مع كل المنكوبين، مهما كانت خلافاتنا وحروبنا، فإننا لا نعرف غدا من يكون التالي.. وثم لماذا الخلافات والحروب اساساً ان كانت الطبيعة غاضبة بما يكفي على الجميع.. ألا يكفي؟

شاهد أيضاً

حُجرية تعز.. سر اليمن المكنون

  بقلم :عادل الاحمدي قبل 28 عاماً، عملت لأسبوعين أثناء العطلة الصيفية، حمّالاً في شركة ...