الوطن نيوز
بقلم “صدام الحريبي
بعيدا عن العاطفة ومواقفنا من إيران، وبعيدا عن الطائفية التي يرميها البعض جزافا، حيث أننا في اليمن منذ سنوات نحاول إقناع الحوثي بأن يكون صراعه مع اليمنيين سياسيا إلا أنه يجرّنا إلى الطائفية والمذهبية جرا.
دعونا نطرح وقائع وحقائق عن إيران والأمريكان والغرب وللقارئ الحُكم.
في الغزو الأمريكي للعراق في مارس ٢٠٠٣م، كانت دول الخليج من أشد الداعمين للأمريكان في إسقاط نظام صدام حسين، بينما إيران كانت قد رفعتْ منذ وقت مبكر شعار “أمريكا الشيطان الأكبر”، وبالتالي من المتوقّع والمنطقي أن يكون حلفاء الأمريكان هم من يكون لهم النفوذ في العراق، لكن وكما لم يكن متوقعا سُلّم العراق للنظام الإيراني حتى اليوم، مع تواجد نافذ للأمريكان هناك.
سيتحدّث البعض عن أن هذه سياسة أمريكية وحالة شاذة أو خاصة للأمريكان أهداف كبيرة من خلفها، لكن دعونا نتحدث عن نماذج أخرى.
في سبتمبر ١٩٨٩م عُقد اتفاق وثيقة الوفاق الوطني بين القوى اللبنانية في مدينة الطائف السعودية، وبلا شك فقد كان الأمريكان والغرب هو الرعاة الرئيسيين لهذا الاتفاق.
في وثيقة الاتفاق تم تجريد كل الفصائل اللبنانية بدون استثناء من السلاح إلا حزب الله المدعوم إيرانيا فقط، والمبرّر هو أنه حزب يقاوم الاحتلال الصهيو.ني، وقد سُمح لحزب الله بحيازة السلاح وتطويره حتى اليوم.. بربّكم هل كان سيصمت الصها.ينة وحلفائهم من الأمريكان والغرب إن كان هذا صحيحا؟ بل انظروا بأم أعينكم كيف تعاملوا مع حركة حما.س التي بالفعل تقاومهم.. هل تعاملوا معها كتعاملهم مع حزب الله؟
النموذج الثالث، هل كان يصعب على الأمريكان وحلفائهم _ وهم من أسقطوا نظام صدام القوي_ أن يُسقطوا نظام بشار الأسد رغم خروج الشعب ضده واستعداده للقتال ضده إن كان ذلك بالفعل يضايقهم؟ ثم ابحثوا متى كانت آخر مناوشة للنظام السوري التابع لإيران مع الكيان الصهيو.ني بشأن الجولان السورية المحتلة.. حما..س لم تسمح للصها.ينة بأخذ شبر من غز..ة وهي حركة، بينما النظام السوري بجلالة قدره لم يناوش حتى مناوشة كلامية منذ فترة من أجل الجولان!
النموذج الأخير، في اليمن، كاد الجيش اليمني أن يستعيد صنعاء ويطرد الانقلابيين الحوثيين التابعين لإيران منها، فقد كان في منطقة فرضة نهم التي تبعد كيلومترات قليلة عن العاصمة، أتدرون ما الذي حدث؟ الأمريكان وعبر الحلفاء منعوا استعادة العاصمة صنعاء وأجبروا القيادة السياسية على إيقاف الجيش من التقدم، وهذا بحسب رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني المقرّب من التحالف.
ملاحظة: عندما تقدّمت كتائب من الجيش اليمني باتجاه العاصمة صنعاء ووصلت إلى مواقع متقدمة، قصفها طيران التحالف خصوصا الإمارتي _بأوامر من الأمريكان _ وقتل العشرات من أفراد الجيش لصالح الحوثيين التابعين لإيران.
ثم في مدينة الحديدة غربي البلاد، سيطر الجيش على المنفذ البحري الوحيد لجماعة الحوثي، لتأتِ بريطانيا وأمريكا والغرب ويفرضون اتفاق “استكهولم” الذي أعاد ميناء الحديدة للحوثيين كإنقاذ لهم من السقوط، ثم العمليات التكتيكية التي قضت بسحب القوات المستجدّة التابعة للإمارات المسيطِرة على مناطق في الحديدة لصالح الحوثي، بعد أن حرّرها الجيش والمقاومة.
طالعوا هذه النماذج ثم احكموا!
صحيح أن الدول لها مصالح، وتختلف نسبة تبعيّتها، وقد تتغيّر سياسات أنظمة كما حصل في نظام صدام الذي اختلف مع أنظمة دول الخليج وحلفائهم الأمريكان بعد الحرب مع إيران، لكن إيران لم تعملها، ولم تثبت إطلاقا واقعيا وفعليّا أنها ضد المعسكر الغربي، وكل ما في الأمر هو الحديث في الإعلام وعبر الشعارات فقط.
تخيّلوا معي أن تركيا أو ماليزيا أو أندونيسيا أو باكستان أطلقت نصف رصاصة ضد أي مصلحة إيرانية في العالم، هل سترضى إيران بغير حشد أسلحتها من طهران وحشد مليشياتها في المنطقة والتسديد نحو إحدى هذه الدول بشكل مباشر، وقد حدث بالفعل؟! أما الدول العربية فحدّث ولا حرج.
نحن لا نريد من إيران أن ترد أو تقصف كما نريد نحن، بل كنا سنكتفي بتنفيذ وعودها وتهديداتها ضد الصها.ينة، فقد صرّحت إيران مرارا أنها تريد سبب فقط لتمحي الكيان الصهيو..ني من الأرض وأن لديها أسلحة تدكهم وما بعدهم! إيران هي من رفعت سقف توقّعاتنا في الرد على الصها..ينة منذ سنوات، ونحن لا نبتزّها ولا نريد أن ترد حسب مزاجنا وأهوائنا، بل نريد تنفيذ ما صدّعت رؤوسنا به، إلا إذا كانت وعودها مجرد محاولة لاستعطافنا وكذب علينا فهذا موضوع آخر.
وبالتالي فحديث أتباعها هنا عن فكرة أن إيران حقّقت بطولة بما صنعته أمس الأول ضد الصها..ينة من خلال كسر الحاجز، فقد كسر الحاجز صدام حسين من قبل، ثم كسرته حركة حما.س بأقوى بطولة في ٧ أكتوبر، وإذا كانت هناك عملية من شأنها أن نتحدّث على أنها كسر حاجز فيجب أن تكون أقوى من التي سبقتها، بمعنى يجب أن تكون العملية أقوى من عملية ٧ أكتوبر الصادقة من حيث التأثير المادي والمعنوي، أما غير ذلك، فلا نعتبره شيئا خصوصا أنه من دولة أُهينَت كرامتها من قبل الصها.ينة من خلال قصف قنصليّتها وقتل قادة رفيعون فيها.
إيران قبل وأثناء ضربها للمسيّرات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة قالت إن أي قوّة تقف أمهامها أو تعترضها ستعاقبها أشد عقاب، وها هي الدفاعات الأمريكة والغربية اعترضت بعض مسيّراتها، وإلى الآن لا يوجد أي رد أو عقاب وكأن شيئا لم يكن.. يجب أن يفهم الجميع أننا لا نأتي بشيء من لدُّنا نحن فقط نتطلّع وننتظر ما تصرّح به إيران نفسها، فهل هذا تعصبا، وهل هذا تصهينا؟ ثم كم عدد القادة الاسرائيلين الذين قُتلوا بفعل باقي المسيّرات التي أطلقتها إيران انتقاما لقاداتها الذين قتلهم الكيان ووصلَتْ؟
وبالنسبة للطائفية، فقبل أيام وأنا أتابع بعض الردود في تويتر، قرأتُ ردا لأحد أتباع إيران يرد فيه على أخ من داخل غز..ة اسمه جهاد حلس، قال له بالنص: من خذلوا غز..ة خلال ١٩٠ يوم هم أتباع مذهبك السني يا عديم الشرف، بينما الشيعة يمسحون عاركم، لن تتحرّر القدس على أيديكم لأنكم محبولين بالنفاق..
طبعا هذا رد أحد أتباع إيران على أخ موجود صابر وصامد ومرابط في غز..ة، وهذا دليل كذبهم وعدم احترامهم واعترافهم بجهاد أبناء غز..ة.
طبعا جهاد حلس لم يتحدّث بطائفية إطلاقا، فقط قال في تغريدته: لا ترفعوا سقف توقعاتكم، فمن خذل غزة خلال ١٩٠ يوم لن ينصرها اليوم.. فقط هكذا كتب.
أما الحوثيون في اليمن، فكلّما حاولنا إقناعهم بأن يختلفوا معنا كيمنيين سياسيا، يجرونا جرا وبالقوة إلى الطائفية والمذهبية، وهناك أدلة كثيرة تثبت ذلك سنوضّحها لمن أراد وهي موثقة.
وأخيرا هناك من يحاول رسم صورة نمطية أنه إن لم تؤيد إيران في مواقفها التي تراها أنت غير حقيقية فأنت متصهين، وهذه الصورة خاطئة، فإيران والصها.ينة وحلفائهم يمارسون نفس الجرائم ضد المسلمين، ولا فرق بينهم أبدا من هذه الناحية، وكذلك تشاركهم في ذلك الأنظمة العربية المجرمة المطبّعة التي أثبتت تبعيتها للكيا.ن جهارا نهارا ودافعت عنه وأحرمت أهالي غزة من المساعدات حتى، وتآمرت ضد حركة حما.س لسببين، الأول لأنها تواجه الصها.ينة بحق وحقيقة، والثاني لأنها من مدرسة الإخوان المسلمين.
بإمكانكم المشاركة والنشر.
#صدام_الحريبي