الإثنين , مايو 6 2024 الساعة 05 39
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / عربي ودولي / بين الإسكندر والخُميني حبكة وسقوط!

بين الإسكندر والخُميني حبكة وسقوط!

تواصيف المقبل:

عندما كان الإسكندر الأكبر شاباً، سيطرت عليه عاطفة حماسية ألا وهي كراهيته الشديدة لوالده فيليب ملك مقدونيا، فقد كره أسلوبه الماكر الحذر في الحُكم، وخُطبه الرنّانة، وسكره، وحُبّه للنساء وملذات الحياة والمُصارعة، وغيرها من أساليب تضييع الوقت، وكان يعلم أن عليه أن يجعل نفسه عكس والده المُسيطر تماماً فقرر أن يرغم نفسه على أن يكون جريئاً ومتهوراً، ويتحكم بلسانه ويكون رجلاً قليل الكلام، لا يضيع الوقت الثمين في ملاحقة مسرات الحياة، كما قال المفكِّر روبريت، ويذكُر أيضاً من خلال أحد مؤلفاته أن الإسكندر ذات يوم سخط على غزو والده لمعظم بلاد اليونان، فشكا وقال: “سوف يستمر أبي في الغزو حتى لا يترك لي شيئاً خارجاً عن المألوف أفعله”.

وكان الإسكندر يحترق ليُظهر للآخرين كم هو متفوق على أبيه، وذات مرة جاء تاجر خيول بحصان رائع كي يبيعه على فيليب، فلم يستطع أي واحد من ساسة خيول الملك أن يقترب من ذلك الحصان؛ لأنه كان مفرط الوحشية، فوبّخ فيليب التاجر على جلبه لهذا الحيوان الذي لا فائدة منه، وكان الإسكندر يقف متفرجاً على المسألة كلها، فعلّق عابساً: “يا له من حصان يخسرونه لانعدام المهارة والروح لتدبيره!” ولما سمعه والده فيليب تحداه أن يركب الحصان ويكسره، وكان يأمل أن يسقط ابنه حتى يتعلم درساً مريراً، فركب الإسكندر الحصان واستطاع أن يقوده في شوط كامل!

وصفّق رجال الحاشية بحرارة وذهول! ولكن فيليب راح يغلي من الداخل وهو لا يرى أمامه ولداً، بل منافساً له على السلطة. وفي يوم من الأيام شَهرَ فيليب سيفه على ابنه الإسكندر وهو مُفرط في الشراب، فتعثّر قبل أن يُصيب ابنه فأشار إليه ابنه وقال: ” انظروا هناك إلى رجل يستعد للعبور من أوروبا إلى آسيا، إنه لا يستطيع العبور من طاولة إلى أخرى دون أن يسقط!”.

فضحك الجميع واتضح أمامهم المنافسة بشكل علني وجريء جداً! لذلك تجرأ أحد رجال الحاشية ليقتل فيليب يوماً ما، بسبب تعبئة الإسكندر لرجالات الحاشية والمجتمع بفكرة أن والده لا يصلح للحكم، وأنه لن يجلب لهم المجد يوماً وهو يُلاحق ملذات الحياة دون أن يُدرك القيم وحاجة الشعب بشكل عام، وبذلك أصبح الإسكندر مُهيمناً على السلطة واستمر في التوسع داحراً للفرس، واصلاً للهند، لكنه انشغل عن الشعب وحاجاته، كأنه يعيد تاريخ أبيه حتى حصد كماً هائلاً من الأعداء والساخطين خاصة من جنده الذين وقفوا له بالمرصاد وأطاحوا به في نهاية الأمر!

الشاهد من القصة:

الأمر ذاته قد تكرر قبل أربعة عقود تقريباً وبعد آلاف السنين، حينما حدثت الثورة الإيرانية عام 1979م ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، إن التقارب بين القصة أعلاه وبين الخميني والشاه يكمن عندما اتهم الخميني الشاه بالمُبذر والمسرف في المناسبات والاحتفالات وذاع صيت الشاه بالمجتمع الإيراني بأنه يحب ملذات الحياة وأنه بعيد كل البعد عن القيم الدينية والإنسانية، صحيح أن الشعب الإيراني قد عانى من فساد الحكومة وقتها وتجرع الفقر والعوز والجهل رغم غنى الدولة ووجود الثروات بها، إلا أنها اُستخدمت لأغراض سياسية – عسكرية؛ لتحسين العلاقات الدولية خصوصاً العلاقة الأميركية – الإيرانية.

لكن الخُميني اتخذ من هذا التطلُّع والطموح في نفس الشاه، كإدانة له واتهام ضده بأنه حاكم فاسد ومُتطلِّع نحو الغرب وأن الدولة أصبحت تتجه نحو الانفتاح، ومن المعروف أن الإمامة لدى غالبية الإيرانيين تعتبر من أركان المذهب الشيعي، وهذا هو الشبه بين الخميني والإسكندر عندما استخدم كلا الطرفين العاطفة، مع اختلاف الوتر الذي يُرمى إليه، فالإسكندر يرمي نحو العاطفة الإنسانية غريزة البقاء والمجد في الشعب المقدوني، أما الخميني فيرمي نحو العاطفة الدينية وهي غريزة حساسة لدى الشعب الإيراني، وعمد من خلال ذلك تأجيج المشاعر الدينية في نفوس الشعب وتجريم وتكفير كل من ينصاع لمن لا يحكم بالأحكام الدينية ألا وهو الشاه، كما ذاع الإسكندر أن والده ليس جديراً لتحقيق المجد المقدوني طالما يتخبّط بالشراب.

وقد استطاعت الثورة أن تُسقط حكم الشاه، وما برح الشعب الإيراني ليهنأ إلاّ وقد سقط بيد قبضة حكم ديكتاتوري محض يرأسهُ المرشد الأعلى للثورة المدعو “روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني”.

وقد اخذ قالب الحُكم الديكتاتوري من الدين صبغةً له؛ لدعم سياسته التوسعية التي جعلت من العنف والإرهاب شعاراً لها، وبعد أن تبنى “الخميني” مبدأ تصدير الثورة الإسلامية -بزعمه- إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وهو بقرارة نفسه أنه يُريد تحقيق مجد فارسي امبراطوري متناسياً حاجة الشعب، قد وقع بنفس الخطأ الذي وقع به الشاه من قبله؛ الأمر الذي جعل من الإيرانيين يشعرون بأنهم عادوا إلى الصفر بل أسوأ وهذا ما يفسر لنا الآن دواعي الثورة الإيرانية في الوقت الحالي.

الخُلاصة: إن الإسكندر والخميني قاموا بحبكه لخداع الشعوب وقد حققا نجاحاً مُبهراً، من خلال العزف على الوتر الحساس لكلا الشعبين، لكنهما تناسيا أمراً بغاية الأهمية، أن الشعوب حتى وإن تغنت بالأمجاد والقيم الدينية فإنها بحاجة للعيش بكل كرامة، وبحاجة إلى استقرار يكفل حقها بالبقاء لإعمار الأرض والعيش على خيراتها. لذاك كان الشبه بين نهاية الإسكندر على يد جنوده وهو يزحف في معاركه التوسعية حول العالم مُتناسياً حاجات شعبه وسخط جنوده، نفس نهاية السلطة الخمينية على يد الشعب الإيراني، في الوقت الذي تخوض به معارك توسعية في وقتنا الحاضر.

فهل ستكون نهاية الفكر الخميني قريبة في هذا العام؟

شاهد أيضاً

رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة

  تواصلت الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة، اليوم الاثنين، رغم القمع والاعتقالات الواسعة ...