د.عبدالحكيم باقيس
شاعران من العصر الثوري: المصري أمل دنقل (شاعر الرفض) واليمني علي مهدي الشنواح (شاعر الجياع) أجد الشبه بينهما في نبرات الخطاب الشعري، طبعا مع الفارق في التجربتين الشعريتين.
دائما تستوقفني مقاطع من شعر أمل، وأخرى من شعر الشنواح، مثل هذا المقطع من ديوانه (اﻷموات يتكلمون):
“أنا ما نمت يوما في قصور السادة العملاء..
ولم ألعق فتات طعامهم كلا..
ولا ولغوا جواسيسا على فكري..
ولا رقصوا على شعري..
ولا ركبوا على ظهري..
ولم أطلب شفاعة حارس اﻷصنام
ولم أركع على أقدامهم يوما من اﻷيام..”.
هذه الكلمات لفتت انتباهي للمرة اﻷولى وهي على ظهر غلاف الكتاب التأبيني للشاعر، الذي صدر في 1985، عن دار الهمداني للطباعة والنشر في عدن، حين كان الاحتفاء بالأدباء والكتاب، الذين كانوا أوفياء لشرف الكلمة مهما اتفقنا أو اختلفنا على اﻷيديولوجيات والرؤى، وحين كانت في عدن واحدة من دور النشر الحكومية، التي خدمت الحياة الثقافية والفكرية.
هنا ظهر الغلاف بوصفه العتبة اﻷخيرة يقدم بيانا عن حياة الشاعر، وهذا المقطع لايوازي النص الذي يسكن بين دفتي الغلاف فحسب، بل يوازي حياة الشاعر نفسه، التي تمثل فيها كل القيم التي كان يناضل من أجلها.. يرحمه الله، وقد وفقت لجنة الكتاب في اختياره في هذا الموضع، وهنا مكمن الدلالة.