السبت , مايو 11 2024 الساعة 17 58
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / تقارير وحوارات / حاضر مسلوب ومستقبل مجهول.. أطفال اليمن من المدرسة إلى الأعمال الشاقة.

حاضر مسلوب ومستقبل مجهول.. أطفال اليمن من المدرسة إلى الأعمال الشاقة.

متابعات “الوطن نيوز-قناة بلقيس”
بجسد نحيل وقامة قصيرة، يحاول وليد سليم بلوغ الطاولة، والتمكّن من الكاوية، التي يعمل فيها “مساعد خياط”. ورغم ما تتطلبه المهنة من قوة جسدية وجهد كبيرين، يبذل ابن الـثلاثة عشر ربيعا جهدا يفوق قدرته، لإثبات جدارته بالعمل.

مشهد يتكرر ضمن آلاف المشاهد التي يشهدها الشارع اليمني بشكل متزايد يومياً لأطفال قذفت بهم الحرب إلى السوق، بحثا عن مصدر دخل يمكِّنهم من إعالة أسرهم أو مساعدة آبائهم في ذلك على الأقل، وإن كان عن طريق العمل في أعمال شاقة تفوق أعمارهم وقدراتهم الجسدية والصحية. حيث تتنوع الأعمال التي يشغلها الأطفال، وتشمل مِهنا عديدة، بعضها تُوصف قانونيا بالمهن الخطرة، ويحظر القانون عمل الأطفال دون سن الخامس عشرة فيها.

أرقام الخطر

خلال سبع سنوات من الحرب، تضاعفت نسبة الأطفال العاملين في اليمن أربعة أضعاف، مقارنة بما قبلها، حيث يبلغ عدد الأطفال العاملين في اليمن 1.4 مليون طفل، بينهم 400 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 10-14 عاما، بحسب تقارير رسمية ودولية حديثة. وتتصدر اليمن القائمة العربية في هذه الفئة العمرية بنسبة 13.6%، بينما تبلغ نسبة من هم في الفئة العمرية 15-17 عاما 34%، وهو رقم يعيد ذاته في النسبة الكلية المحلية، حيث تفيد تقارير منظمة العمل الدولية بأن 34.3% من الأطفال في اليمن يعملون، ومحرومون من أبسط حقوقهم، الأمر الذي يثير حالة من الطوارئ تستوجب تحركا دوليا للحد من هذه الظاهرة.

ضرورة ثم اختيار؟

بعد انقطاع راتب والده، وهو عسكري متوفى، اضطر وسام فيصل (15 عاما) إلى مغادرة بيته ومدرسته في إحدى قرى مديرية ‘ماوية’ بمحافظة تعز، ليلتحق بالعمل في مطعم يملكه أحد معارفه، “جامع أكواب”، قبل أن يصبح خبازا في الأشهر الأخيرة، يقول: “كنا نعيش أنا وأمي وإخوتي على معاش والدي قبل أن يتوقف”. ويضيف -بحسرة على مستقبل أجبرته الحرب أن يتركه وراءه حلما مهدرا: “كنت أتمنّى لو أتمكّن من إكمال دراستي، لكن حاجة أسرتي وفقرها اضطرني للعمل”.

يتقاضى فيصل 500 ريال يوميا، بالإضافة إلى راتب رمزي لا يتجاوز العشرين ألف ريال، مقابل دوام يمتد من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساءً، وهو ما منعه من إكمال حلمه في التعليم إلى جانب العمل. وفي المقابل، يفكّر سليم جدياً في ترك الدراسة مقابل توسيع وقت عمله ومضاعفة دخله، أسوة بأقرانه العاملين في الخياطة، الذين ينتهي بهم الأمر غالبا إلى ترك المدرسة، للتفرغ للعمل في مهنتهم التي تتطلب وقتا كبيرا وعملا مرهقا.

وتشير إحصائيات صادرة عن منظمة “اليونيسف” التابعة للأمم المتحدة إلى تسرّب أكثر من 2 مليون طفل من مدارسهم بسبب الحرب.

الخطر المركّب

“المخيف في الأمر أن النِّسَب الكبيرة والمفزعة مرشحة للزيادة، في ظل استمرار الحرب، وتدني الأوضاع الاقتصادية، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر”، تقول حنان ناصر – تربوية وناشطة اجتماعية-، وتضيف لـ”بلقيس”: “الأرقام والمؤشرات تنذر بالخطر الكبير الذي يتهدد مستقبل هؤلاء ومستقبل البلد بشكل كلي، فبالإضافة إلى نسبة الأطفال العاملين ثمة آلاف من الأطفال الذين تستقطبهم المليشيات وأطراف الصراع وتزج بهم في المعارك وقودا لحروبها”.

“مع استمرار الحرب تزداد الأوضاع الاقتصادية تدهورا، فترتفع نسبة الفقر تباعا، ومادام هناك فقر فهناك أطفال يعملون. وعمل الأطفال هو الخطوة الأولى للتسرّب من المدارس، وهذا يعني تعليما أقل ومستقبلا أشد قتامة وخطورة”، هذا ما يراه فوزي أحمد (46عاما)- أستاذ وتربوي أجبرته الحرب وانقطاع راتبه إلى العودة إلى العمل في الخياطة بمعاونة ولديه وهما طالبان في الإعدادية لتوفير متطلبات الأسرة.

مخاطر

إلى جانب التسرّب من المدارس، ثمة مخاطر كبيرة تنطوي على عمل الأطفال في مهن لا تناسب أعمارهم وأجسامهم، منها الأضرار الصحية والنفسية، كما تؤكد ناصر، وتضيف: “عملهم في هذا السن المبكر جرم بحق طفولتهم، ويمتد إلى مستقبلهم، حيث يتعرض بعضهم للتحرش والابتزاز والإذلال والامتهان، وهو ما يهدد حاضر الطفل ومستقبله بشكل كلي، إلى جانب الأخطار الناتجة عن حوادث العمل التي قد يتعرّض لها الطفل خلال عمله، ونتيجة قلة خبرته وقدراته”.

يُذكر أن القانون اليمني يحظر عمل الأطفال قبل سن الرابع عشرة، ويحظر عملهم في المهن الشاقة والخطرة، لكن الشارع اليمني بات يغص بالأطفال العاملين في مختلف المهن، من: مسح السيارات إلى العمل في الحمل، والورش، والمطاعم، والخياطة. فالزمن الآن حرب، وفقر، وكلاهما لا يقدّس الطفولة ولا يعترف بالقوانين.

شاهد أيضاً

تفجير المنازل وتهجير السّكان.. قواسم مشتركة بين الإرهاب الحوثي والاحتلال الصهيوني.

متابعات الوطن نيوز- 26 سبتمبر في الـ 10 من مارس 1948 اجتمع قادة الحركة الصهيونية ...