السبت , مايو 18 2024 الساعة 09 33
آخر الأخبار
الرئيسية / مقالات / من البلقاء إلى البلق

من البلقاء إلى البلق

كتب / احمد عبدالملك المقرمي

جهز النبي صلى الله عليه و سلم جيشا بعثه نحو الشام و هو ما يعرف بغزوة مؤتة التي هي في الأردن ، ثم تحرك إلى البلقاء، و كان عدد الجيش ثلاثة آلف رجل ؛ و لأهمية المعركة، عين له ثلاثة من القادة : زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة.

و معلوم أن الثلاثة القادة استشهدوا تباعا في مواجهة حامية الوطيس مع جيش من الروم و العرب.

و قد أخبر النبي الصحابة باستشهاد القادة الثلاثة، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم نعى زيدا و جعفرا و ابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها ابن رواحة فأصيب و عيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم”.

ما أشبه الليلة بالبارحة، و ما أشبه البلقاء. في أرض الأردن، بالبلق من أرض اليمن، و ما أشبه المشهد بالمشهد، و ما أشبه الآخِر بالأول ” إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ” .. و ما أشبه الروم بالفرس، و ما أشبه الزنابيل بعرب ذلك الزمن الذين ساندوا الروم ضد إخوانهم.

كما تتابع زيد و جعفر و ابن رواحة استبسالا و استشهادا في قلب المعركة ؛ تتابع مثلهم شعلان، و الحوري، و الصلوي؛ استبسالا و استشهادا .

– أخذ الراية عبدالغني شعلان، فواجه الأعداء بلا هوادة، و قاتل البغاة بلا تردد :

و أثبت في مستنقع الموت رجله و قال لها من تحت أخْمُصِك الحَشْرُ

فقاتل بشجاعة و إقدام، حتى لقي ربه مقبلا غير مدبر :

و ما مات حتى مات مضرب سيفه من الطعن واعتلت عليه القنا السُّمْرُ

و صدق فيه قول القائل :

بين اللّظَى صقرُ المعارك قاما

قصف المدافع عنده أنغاما

هزّاتُ سيفك كالنهار مُضيئةٌ

تُجْلِي عن المتحوّث الإظلاما

فأخذ الراية نوفل الحوري، فقاتل

قتال الأبطال، و نازل نزال الفرسان، و لسان حاله يقول :

و إذا الجبان نهاك يوم كريهة خوفا عليك من ازدحام الجَحْفل

فاعصِ مقالته و لا تحفل بها و اقدم إذا حُقّ اللقا في الأول

فمضى يحصد المجرمين، و يهدّ صفوف المعتدين، حتى استشهد .. فأخذ الراية أمجد الصلوي، و خاض بها لهيب المعركة دون خوف أو تردد، و مضى يقتحم الوطيس :

يغشى الوقائع مثل طود شامخ تلقاه دوما في الوغى همّاما

بالمدفع الرشاش و هو مكبّر يُصْلِي العِدا و يحطم الإجراما

لن نستكين فشعبنا يَهْوَى الذُّرَى إن اليماني مثل ليث قاما

و مضى شاهرا بندقيته يدك بها مليشيا الكهنوت، حتى استشهد .

فأخذ الراية مَن بعدهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، و هم سُيوف من سيوف البطولة و الأمجاد، قاتلوا باستبسال غير هيّابين، و قاتلوا دون خوف أو وجل، و كأني بهم كانوا يرددون جميعا :

سبيل الموت غاية كل حُرٍّ فداعيه لأهل الأرض داعي

فلله درهم جميعا، ثبات، و صمود، و استبسال :

غُبارُ رَحَى الهيجاء في لَهَواتِهم من الشهد أحلى أو من المسك أضْوَعُ

و لله درهم يخوضون البسالة، و يقتحمون لهيب المعارك ” إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى “.

و كان بإذن الله نصر الله و الظفر .

الأبطال هم من يكتب التاريخ، و الأبطال هم من يحمون العار و الذِّمار .. فاكتب تاريخك أيها اليمني الحر الأبي بدماء التضحية، و مواقف البطولة، و عرَق البسالة، و دراهم البذل “ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء “.

ميادين البطولة اليوم في الجبهات، و ميادين البطولة كذلك في من يقفون مساندين و داعمين للجبهات ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ).

على كل يمني حر أن يتصدى لمشروع التخريب الإيراني، و أن يسأل نفسه : ما الذي يريده ملالي إيران من اليمن؟

و ليسأل ايضا :

من دمر العراق غير إيران ؟ من يدمر سوريا غير إيران ؟من يعيث فسادا بلبنان غير إيران ؟

من يحقد على العرب و العروبة غير إيران؟ و من يحقد على الإسلام والمسلمين غير إيران؟

من يخدم قوى الاستكبار و الاستعمار و الاستخبارات الدولية غير إيران؟

فيا أيها الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه :

قف دون دينك في الميدان ممتشقا للبغي سيفا و قف للجهل بالقلم

إن اليمنيين يريدون السلام و يعشقونه لأنه حياة، و لكنهم يريدون السلام لا الاستسلام، و يريدون الحرية لا العبودية ، و يطالبون بالديمقراطية لا الاستبداد .

رضي الله عن شهداء البلقاء : زيد و جعفر و عبدالله بن رواحة، و تقبل الله شهداء البلق : عبد الغني شعلان و نوفل الحوري و أمجد الصلوي .. و لا نامت أعين المرتهنين للمشروع الإيراني.

شاهد أيضاً

عامان من عطاء الرئيس العليمي..!!

  بقلم :عبدالرحمن جناح اليوم الـ8 من أبريل 2024م، تهل علينا الذكرى الثانية لـ تشكيل ...