الوطن نيوز
بقلم : زنيج النهمي
المواقف مع هذا المقدام والهامة العظيمة كثير جداً سواء فردية او جماعية او عامة ، سأذكر منها :
قبيل امتحانات الترم الأول من السنة الثالثة في كلية الهندسة ، اصابني مرض انتشر في جسمي جدري مائي ، فخفت وهلعت هلعاً شديداً ، استأذنت من إدارة الكلية فسمحوا لي لظروف المرض ، واعطوني اجازة لمدة أسبوع ذهبت إلى سكني وجلست في غرفتي مهموم وخائف من هذا المرض حيث لم يتبين لي ماهو حينها فعرفت بأنه جدري بعد زيارتي للمستشفى ، ومهموم لأني مقبل على اختبار مصيري للترم الأول من السنة الثالثة حيث ان مواد هذه السنة كثيرة ومكثفة وفي صميم التخصص وتحتاج الى مضاعفة الجهود لأنها فترة امتحانات.
اصبت باليأس والاحباط كان تفكيري يصب في كيفية تجاوز الاختبارات وانا على هذا الحال مما أثر في نفسيتي.
حينها يأتي الأنيس والطبيب والناصح والمربي ليدخل الغرفة يتفقد كما هو عادته وانا غارق في مرض وهم وقلق ، ليأتي ويندهش من حالتي واقتلبت صورته : زنيج ..موبك ..سلامات ايش اصابك وجلس امام وجهي ، اخبرته بالوضع ، فتمعر وجهه وزعل قائلاً : يا رجال عيب عليك ..شتقولنا ونقوم بالواجب انت بين اخوانك هيا قم للخبر حقك ، قلت له اين نذهب : قال قم مالك علاقة ، تجهزت وخرجت معاه فوقف لنا باص وذهبنا للمستشفى لإجراء فحوصات ، تبين لنا نوع المرض وطمئني الدكتور ، وصرف علاج وقال لابد ترتاح عشرة أيام في البيت.
خرجنا من المستشفى طلبت من الشهيد جواله كي اتصل للبيت يرسلوا بمصاريف العلاج ومنها مصاريف الدراسة دون ان ابين له الغرض ، قال لي مو تشته بالاتصال انته ما معك خبر اقل لك مش وقته هذا امشي بعدي.
طلعنا باص اخر والى مطعم فطلب لنا الغداء تغدينا ثم انطلقنا الى السكن ، قلت له بش مهندس اشتي اروح البيت تعرف الدكتور اكد على ذلك لربما المرض يعدي الاخرين ، قال اي بيت والله ما تدي خطوة تعال خذ اغراضك وملازمك وادواتك وتعال غرفتي بفرغها لي انا وانت.
طبعاً المهندس رحمه الله كان قبلي بسنة هو في السنة الرابعة وانا في الثالثة ولكنه تأخر في السنة الخامسة والأخيرة لأسباب تعسفيه ومماحكات ضيقة ليس هنا المجال لذكرها ، وتخرجنا مع بعض.
جلست معاه وبدأ يضع العلاج للمرض على اجزاء جسمي وهو يتمتم بالبسملة والذكر بينه وبين نفسه ثم يراجع لي ويحضر الدروس التي اخذتها حيث لديه خلفيه عنها فكان يجيب المختصر المفيد ثم ناخذ فترة راحة تتنوع بين الفوائد التربوية والسياسة والمزاح والضحك وسماع الاناشيد وهكذا وعلى هذا الحال حتى استعدت عافيتي وتماثلت للشفاء وزادت معنوياتي وذلك بفضل الله ثم بفضل هذا الملاك البشري.
جاءت الامتحانات ومرت بخير وعلى خير والحمد لله ، مرت الايام وحاولت اعطيه ما خسره مقابل فحوصات المستشفى وما لحقها من علاجات ونثريات واشياء شخصية فقال متى احتجت بطلبك بسخرية ايجابية يعني اقفل الموضوع ، ولا احتاج ولا طلب وليته طلب الروح والفؤاد لدفعتهم له بدون تردد.
كان رجلا يمتلك مواصفات استثنائية قل ما تجدها، حيث إنه حسن الخُلق في تعامله مع الناس وخصوصا مع زملائه وكان أيضا شهما شجاعا كريما طيب المعشر .
فخورين فيك مهندسنا وحبيبنا الغالي وإلى جنة الخلد ، فلقد كُنت رجلاً شجاعاً مقداماً قلَ نظيرك في الرجال كريما شهما سخيا طيبا .
كانت الابتسامة لا تفارق محياه حيث إنني لم أره يوما إلا وكان مبتسما بشوش الوجه لا يعرف الغضب والغرور إليه مدخلا .
اختاره الله سبحانه ليكون شهيداً نفخر به..
رحمك الله أبا إسراء وتقبلك في الشهداء والصالحين وعوضك عن هذه الدنيا الفانية بنعيم مقيم أنت ورفاقك الذين قضوا معك وجميع موتى المسلمين .