الإثنين , مايو 13 2024 الساعة 23 54
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / ثقافة التسامح الديني في المجتمع اليمني بين التشخيص والمعالجة

ثقافة التسامح الديني في المجتمع اليمني بين التشخيص والمعالجة

كتب : زاهر ابن الشيخ أبوبكر
ان ما تعرض له مجتمعنا من هزات وحروب وصراع على مدى السنوات والعقود ، وشيوع الجريمة والفساد والقتل والنزاعات القبلية والطائفية، تركت بصمة خطيرة على حياة المواطن اليمني فإثارة في نفس الفرد نار الحقد والعنف والتطرف الطائفي والعقائدي والمذهبي الذي زاد من المعاناة الإنسانية غير أخلاقية واجتماعية، فضلا عن اهدارها لكافة الحقوق الإنسانية والدينية وعلى راسها الحق في الحياة والتسامح بين الأفراد.

وبرغم هذا المشاكل بقي مجتمعنا محافظاً بنسبة متفاوته على القيمه الثقافية والدينية وعلى راسها قيم التآزر والمحبة والتعاون والتفاعل والتسامح بين فئاته الاخرى. فثقافة التسامح الديني والمذهبي هذه يمكن ترسيخها في نفوس الافراد من خلال التنشئة الاسرية والمدرسية والتي يقع عليهما مسؤولية تربية وتوجيه وإرشاده وترسيخ المحبة والتفاعل بين الافراد واحترام معتقدات الاخر وفق القواسم المشتركة فمن جهة التنشئة الاسرية التي تعد اول خلية اجتماعية ثقافية نفسية تعمل على تنمية وتربية الفرد منذ النشأ الى سن المراهقة، فضلا عن تعرضها لتلك الكوارث الا انها كان لها دور مهما في ترسيخ وتنمية القيم المحبة والتسامح بين افردها، وذلك لان الطفل يتكسب قيم التسامح من المحيط الذي يعيش منه بمعنى على الوالدين ان يكونا في علاقاتهما الاجتماعية والدينية والثقافية مبنية على التشاور والاحترام والتعاون فيما بينهم وبين أقاربهم او أصدقائهم المختلفين عنهم في الديانة والمذهب بدلا من اثارة الحقد والكراهية في علاقاتهم الاجتماعية.

اما التنشئة المدرسية والتي تعد ثاني وسط ثقافي واجتماعي فمهمتها تنمية مفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير واحترام حرية الاخر داخل الصفوف الدراسية وأيضا بث التعاون والتبادل الأفكار بين التلاميذ من جانب وبين التلاميذ والمربيين التربويين من جانب اخر وان تعزيز هذه المحبة والتسامح الديني لا يأتي الا من خلال المناهج الدراسية وأساليب تعامل المربيين التربويين مع التلاميذ داخل الصفوف الدراسية أضف الى ذلك تخليها عن مظاهر التطرف الثقافي والفوارق الطبقية والثقافية والاقتصادية التي يمتلكها البعض والبعض الاخر لا يمتلكها.

وزيادة على ذلك فالدين الإسلامي جعل من التسامح قيمة دينية لان دين الإسلام ، دين المحبة والتسامح بين الناس والبشرية جمعاء، رغم ان ذوات الانسان جزء منها وسائل القسوة والعنف والعدوان الان ان الدين الإسلامي دين محبة وتسامح بين البشرية جمعاء، وعليه تعد القيمة الدينية للتسامح عنصر رئيساً في تكوين ثقافة أي مجتمع من اجل أدارك افراده على التفاعل والتعاون وترسيخ الاحترام بين الطوائف والمذاهب الاخرى وتكوين علاقات اجتماعية قوية فيما بينهم، لذلك فان ثقافة التسامح توفر للفرد صيغة سلوكية ثقافية اجتماعية تعمل على تكوين العلاقات الاجتماعية الإيجابية وتنظم المجتمع والحفاظ على استقراره وفقاً لمصالح ومتطلبات افراده اذ أن التسامح يعد جوهر عملية الضبط الاجتماعي الممارس على الافراد عند قيامهم بسلوك مخالف لسياقات الفرد فالتسامح يستقر في ضمير الفرد ويشعره بالارتياح عند التخلي من المخالفات التي تصدر من خلاله.

ومن هذا المنطلق فثقافة التسامح الديني تعمل على خلق وعي ثقافي اجتماعي للعلاقات المبنية على التعاون والتبادل بين الافراد، اذ ان العلاقة الاجتماعية التي تحدث بين الافراد تختلف حسب نمط المكانة والمركز والشهادة والثقافة المعرفية وكذلك حسب نمط الدين، فالثقافة كما تصورها الانتروبولوجيين بانها كل القيم والمعاني والمعتقدات والعادات والقوانين يكتسبها الفرد من الجماعة التي تحيط به والمجتمع الذي يعيش فيه، ومن هنا نجد ان التسامح هو سلوك شخصي اجتماعي يصدر من قبل الفرد دون وقوع أي هجوم على حقوق الفرد الاخر بمعنى استعداد الفرد ان يترك الاخر بالتعبير عن حرية أفكاره ومعتقده ولا يمكن مخالفته والتصدي له.

وعليه نجد ان قيم ثقافة التسامح الديني تعمل على تحقيق التآزر والمحبة والتعاون والألفة والانسجام، كما تعمل على مساعد الفرد في التحمل للمسؤولية من اجل الوقوف بوجه مشاكل الحياة الاجتماعية والطائفية اذ انها تنمي مشاعر الإحساس الاجتماعي بالمجتمع. وإن حصول خلل في طبيعة قيم المسامحة لدى الافراد سيؤدي إلى تكوين الشخصية تكفيرية مضطربة ، وبالتالي فإن الشخصية المضطربة تصبح بنيتها أكثر تفككا واستعدادا لتشرب القيم الأجنبية الوافدة والسلبية، وذلك بدوره يؤدي إلى حالة من التذبذب على مستوى الانتماء الفكري المتطرف وتتمثل في عدم قبول الاخر وهذا الوضع ربما يقود صاحبه إلى ثقافة التكفير والتي بدورها تقود الى التفجر والارهاب وبالتالي يصبح مغترباً عن واقعه الاجتماعي والديني والثقافي.

ومن اجل تحقيق ثقافة التسامح الديني هناك جملة من التوصيات منها:
1- ضرورة معالجة المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الشخصية اليمنية، والعمل على إزالة الفوارق بين المذاهب والمعتقدات سواء في المستوى الثقافي او الطبقي من اجل بث أسس روح المحبة والتسامح في نفوس الافراد وتقوية أواصر العلاقات الاجتماعية بين الافراد.

2- الحث على العفو وتقديم الاحترام للأخرين وعدم الانتقام وقلع جذور الحقد والعدوان والكراهية من نفوس الافراد.
3- أن يتوجه الإعلام نحو تعزيز ثقافة التسامح في المجتمع لخلق وعي محب والحث على التمسك بكيان المجتمع ووحدته وقيمه. والقيام بمراجعه شاملة لمحتوى المناهج الدراسية وتطويرها بما يمكننا من مواجهة اثار العنف الطائفي على حقوق الافراد.

4- ضرورة أن تتولى المؤسسة الدينية ترسيخ ثقافة التسامح من خلال الخطب الدينية الوسطي والمحاضرات والمناسبات من اجل تعريف دول العالم بالإسلام الانساني.

شاهد أيضاً

المبعوث الأممي يعرب عن قلقه إزاء التصعيد الحوثي باتجاه مأرب ويقول إن الوضع الإقليمي يعقد التقدم في ملف السلام.

    أعرب المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ، الإثنين 13 مايو/أيار، عن قلقه إزاء تصريحات قيادات ...