الجمعة , أبريل 19 2024 الساعة 06 20
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / عربي ودولي / كيف حققت المملكة التنمية وكسبت الحرب؟

كيف حققت المملكة التنمية وكسبت الحرب؟

بقلم/ أيمن الحماد

في الشرق الأوسط ليس من السهل صرف النظر عن الأزمات التي تعصف بهذه الجغرافيا المعقدة. هنا حيث كل شيء؛ مهد الأديان التي يدين بها غالب البشر، وحيث السلع والموارد التي تتحكم في كبرى اقتصاديات العالم، وبين كل ذلك تحدث الصراعات، وتبزغ النماذج التنموية في الشرق الأوسط بصعوبة وسط هذا الركام من المماحكات والنزاعات، وما إن تخبو موجة عنف حتى تنشأ أخرى، ولا شك أننا اليوم في موجة تاريخية عالية تمر بها المنطقة، فدول خرجت من معادلة المنطقة وأصبحت في مهب التحولات التي لم يتضح بعد على أي وجه ستستقر.

وبالعودة إلى نماذج التنمية في المنطقة، فإن النموذج الخليجي يعد الأبرز وتحديداً السعودي، حيث استحقاق الجغرافيا والديموغرافيا يفرض نفسه قياساً بنماذج أخرى ليست معنية بعاملي الأرض والبشر.

استطاعت السعودية التي تتصدر المشهد الإقليمي على الدوام في الشرق الأوسط بفعل الدور والأهمية التي تكتسبها بوصفها مهبط الإسلام والعروبة وصاحبة احتياطات النفط الأعلى في العالم. تجد الرياض نفسها أمام مشكلات مزمنة تعانيها المنطقة وغالبية أو جل تلك المشكلات ذات طابع حربي – عسكري وحالات فشل اقتصادي مركب، ولنأخذ في التاريخ الحديث الحرب الإيرانية – العراقية، ثم حرب تحرير الكويت ثم أحداث “11 سبتمبر” واحتلال العراق وحرب اليمن وحرب إسرائيل على لبنان وصولاً لتحديات ما سمي “الربيع العربي” وتذرّي الدولة العربية، وعلى الرغم من كل ذلك لم تراهن الدولة السعودية على الحرب بوصفها مدخلاً للاستقرار بل على العكس راهنت على التنمية بوصفها نتيجة مؤكدة لكسب الحرب.

حدث ذلك وطهران تقاتل صدام حسين وتعبث في لبنان واليمن والعراق وسوريا وترعى الإرهاب وتذكي الطائفية في دول الخليج والدول العربية، صحيح أن هذا العبث يؤثر على متانة المنطقة التي تعد السعودية عمادها، لكنه لم يستفز الرياض لخوض حروب سوى تلك التي تخوضها اليوم على حدودها الجنوبية، لكن مهمة إيران في إفساد المنطقة خلقت تحديات وجودية لنظام طهران الذي يقيم تحت رماد فقر وعوز الشعب الإيراني ذي التنوع الإثني الفاقع والروح الثورية، وهو الذي لم ير الدولة التي أسقط لأجلها امبراطورية الشاه، وبالتالي إحاطة إيران بكل تلك المهام وإدارتها لجبهات الحرب خارج حدودها ليس إلا وقوفاً في رمالٍ متحركة حتى مع محاولات استنهاضها من قبل أميركا – أوباما، ما كان لهذا النظام أن يستقيم وقد أدرك أن مسببات بقائه تكمن في نهاية الآخر، ومع إيمانه بهذه المعادلة الصفرية كما تقول بذلك نظرية الألعاب، لم يمكن للسعودية إلا أن أطلقت مشروعها الذي تضمن عدة مسارات؛ الأول ترتيب بيت الحكم السعودي وضخ دماء التحديث في شرايين الدولة ومؤسساتها وأنظمتها، ثانياً تحرير الاقتصاد من ربقة النفط من خلال “رؤية 2030” التي تجد اهتماماً وصدى واسعاً باعتبارها مشروعاً نهضوياً اجتماعياً ثقافياً بامتياز وليس اقتصادياً كما يظهر فحسب، ثالثاً دعم مفاصل الدولة العربية (مصر والأردن) ومحاولة استعادة العراق لحضنه العربي، ورابعاً إطلاق مشروع ضخم لإعادة هيكلة العلاقات الدولية مع الشرق الآسيوي وضمان امتداد العلاقة مع تلك الدول لمرحلة ما بعد النفط في إطار التفافة دولية لتلك المنطقة من العالم، والأمر ينطبق على إفريقيا التي تشكل المقاربة السعودية المختلفة معها أمراً مثيراً للإعجاب، إذاً لا عجب أن نرى استهداف المشروع التنموي السعودي من قبل دول وجهات خارجية تدرك أن النهوض التنموي في المملكة يعني هزيمتها، ويرسخ لدينا أن عقيدة السعودية ثابتة حتى مع التحولات الحاصلة في مسارها السياسي الداخلي ظلت عقيدة تنمية لا عقيدة حرب.

شاهد أيضاً

دعوى قضائية جديدة ضد تسليح ألمانيا لإسرائيل.

رفع محامون في مجال حقوق الإنسان، يوم الجمعة 12 أبريل/ نيسان، دعوى قضائية ضد قرار ...