الثلاثاء , مارس 19 2024 الساعة 06 58
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / تقارير وحوارات / الشاب “المكحل”.. من سائق دراجة نارية إلى ناشط سياسي بارز في وجه مليشيا الحوثي.

الشاب “المكحل”.. من سائق دراجة نارية إلى ناشط سياسي بارز في وجه مليشيا الحوثي.

متابعات” الوطن نيوز- الصحوة نت”
تحول الشاب “حمدي عبدالرزاق” المعروف بـ “المكحل” من سائق “دراجة نارية”، إلى ناشط سياسي بارز في وجه مليشيا الحوثي، حيث الكلمة في مواجهة مفتوحة ضد البندقية وآلة القتل والتعذيب والتنكيل بكل من يتفوه بكلمة ضد المليشيا الإنقلابية في محافظة إب التي ينتمي إليها الشاب، وفي بقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها المسلحة.

كلمات الشاب “حمدي عبدالرزاق” ونبرات صوته الغاضبة والعالية في مقاطع الفيديو التي كان ينشرها بين الفينة والأخرى، على مواقع التواصل الاجتماعي، شكلت إزعاجا كبيرا لمليشيا الحوثي التي تمارس عمليات قمع وتنكيل لكل الأصوات المعارضة لانتهاكاتها وجرائمها وسلوكياتها المدمرة في مختلف المحافظات.

ظهور وانتشار

وبكل السبل تسعى المليشيات لإسكات أي صوت معارض لها، مهما كان حجمه أو أثره، وظنت أن سياستها القمعية ومطاردتها للصحفيين والإعلاميين وكل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ستمنع الأخرين من الاعتراض على جرائمها إلا في خدمة مشاريعها العبثية والطائفية، ليظهر صوت الشاب “حمدي” خلال الأشهر الماضية من بين بسطاء الناس، بلغة بسيطة غير أنها ممتلئة بالغضب حيث قوبلت بانتشار واسع وصدى كبير في أوساط المواطنين الذين وجدوا فيها بعضا من أصواتهم المغيبة بفعل القمع والإرهاب الحوثي المسلط على رقاب المجتمع في جميع مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.

ولد عبدالرزاق في المدينة القديمة لمديرية المشنة بمدينة إب، وسكن فيها وتزوج ليصير أب لطفل وطفلة، شأنه كشأن الغالبية العظمى من اليمنيين الذين يرفضون ممارسات مليشيا الحوثي وجرائمها منذ بواكير حربها على اليمنيين في صعدة في 2004، وحتى اليوم، غير أنه ضاق ذرعا بتلك الممارسات والجرائم وما جلبته للشعب اليمني من انقلاب وحرب دمرت حياة ومعيشة الناس، وقادت إلى مآسي وأوجاع في كل منازل ومناطق اليمن، فلم يتحمل ذلك بالرغم من إدراكه تبعات معارضته لها وما الذي يمكن أن يحل عليه في حال رفع صوته ضدها، غير أنه لم يأبه لكل تلك التبعات ورفع صوته عاليا ضدها، خصوصا مع أنشطتها وممارساتها الهادفة لتطييف الناس ونشر أفكارهم ومعتقداتهم المذهبية والتي كان يجدها في مسجد حي الميدان الذي يعيش فيه.

ظهر صوته متأخرا، وكانت مقاطع الفيديو التي يظهر فيها تتحدث بلغة بسيطة، تحمل أصوات الناس ومعاناتهم اليومية وهمومهم المعيشية التي لا تهتم بها مليشيا الحوثي وحولت المعاناة لوسيلة تتاجر بها وتتربح من خلالها بوسائل مختلفة يدركها جميع اليمنيين خصوصا من يعيش في مناطق سيطرتها المسلحة، ولذا لقت مقاطع الفيديو التي كان ينشرها رواجا في مواقع التواصل وبين المواطنين بالرغم من المآخذ التي كانت عليه فيما يتعلق بألفاظ متعلقة بالسب والشتائم التي كانت تعمل تشويشا على رسالته الغاضبة من مليشيا الحوثي.

حكاية البداية

في أكتوبر الماضي، ظهرت مقاطع للشاب المكحل وهو يتحدث بسيل من الشتائم لزعيم مليشيا الحوثي وجماعته، نتيجة التردي المعيشي والاقتصادي للمواطنين والجرائم التي تقوم بها في أوساط الناس بمناطق سيطرتها، حيث أثار مهاجمته لزعيم المليشيا بصورة لم يسبق لها أحد من قبله، حفيظة قيادات مليشيا الحوثي، والتي قامت حينها بقطع خدمة الإنترنت، وفرضت حصارا على أجزاء واسعة من المدينة القديمة بمديرية المشنة في مدينة اب، بهدف اختطافه.

وشنت مليشيا الحوثي آنذاك، حملة كبيرة بعشرات الأطقم وحاصرت المدينة القديمة وبعضها انتشرت في بعض الحارات واقتحمت بعض الأحياء، وروعت الأهالي، غير أنها قوبلت بالرفض وقاد الشاب المكحل مواجهات مسلحة بمفرده ضد حملة المليشيا، وأصيب حينها مدير قسم شرطة بمديرية المشنة يدعى “شامخ الرصاص” وأحد العناصر الحوثية التي تعمل في القسم، ولم تتمكن المليشيا من القبض عليه.

مواجهة وحصار

ظهر حمدي عقب تصديه للحملة الحوثية ومقاومته المسلحة له، كشخص يمكن أن يقود لثورة مجتمعية ضد المليشيا، وهو ما لم يكن يفكر به حمدي أو يدر بخلده، غير أنه كان يؤكد أنه لن يسلم نفسه للمليشيا وأنه مستعد للموت ومقاتلتهم وسيبقى في منزله، ونشر مقاطع فيديوهات عدة تؤكد مكان تواجده في منزله بحي الميدان بالمدينة القديمة لإب، وظلت الحملة الحوثية لأكثر من أسبوع تنفذ انتشارا بمختلف الأحياء السكنية لمدينة إب القديمة وفرضت نقاط تفتيش جديدة، في مشهد يوحي بخوضها معركة ضد خصوم مدججين بالسلاح، فيما كان صوت “حمدي” سلاحه الأكبر لمواجهة المليشيا التي عجزت عن الوصول إليه والقبض عليه.

عقب ذلك لجأت المليشيات لاستخدام أقاربه وشخصيات عدة في المدينة القديمة أفضت إلى القبض عليه بدون مقاومة، بوعود من قيادات حوثية بعدم المساس به وإعطائه الأمان، وتحقق للمليشيا ما تريد حيث قبضت عليه في مطلع نوفمبر الماضي، وظل في سجونها قرابة أسبوعين تعرض خلالها لعمليات تعذيب نفسية وجسدية، وتم الإفراج عنه حينها، بعد أن أجبرته على تعهدات والتزامات منه ومن أسرته بالسكوت وعدم

مهاجمتها.

وبعد أشهر من هدوءه الذي لم يدم طويلا، نتيجة الانتهاكات والجرائم الحوثية في مناطق سيطرتها، عاد الشاب المكحل لمهاجمة المليشيا وارتفع صوته مع خطفها ومحاكمتها لأربعة من صانعي المحتوى في صنعاء، حيث طالب بالإفراج عنهم والتوقف عن قمع كل من يعارضها وهاجم أيضا سياسة المليشيا التي قادت لتردي الأوضاع المعيشية لدى المواطنين بشكل غير مسبوق، لتعاود المليشيا هي الأخرى عملية الاختطاف له، حيث بقي مختطفا لديها قرابة عشرة أيام تعرض خلالها للتعذيب النفسي والجسدي والتي أفضت لتصفيته والتخلص منه بطريقة غامضة لم تكشف تفاصيلها أو ملابساتها حتى اللحظة.

الأحد الصادم

يوم الأحد المنصرم، كان اليوم الذي شكل صدمة لأبناء المدينة القديمة وكل أبناء محافظة إب، وقبل ذلك يوم حلت فيه الفاجعة على أسرة الشاب “المكحل” حيث جرى تسريب خبر وفاته التي كانت مؤكدة غير أن رواية المليشيا عبر ناشطيها والموالين لها أثارت الرأي العام وأكدت أن ما تعرض له كان بمثابة التصفية والقتل المتعمد.

وادعت المليشيات أنه حاول الهروب من سجن إدارة أمن المحافظة الخاضع للمليشيا وأنه قفز من الطابق الثاني ثم حاول القفز من سور مبنى إدارة الأمن ليعثر عليه متوفيا بحسب الرواية التي سبقها تسريب خبر بالعثور على جثة شخص مجهول الهوية بالقرب من إدارة الأمن ومحكمة الاستئناف مشنوقا بظروف غامضة، وهو الأمر الذي أشار إلى أن من يقف خلف تسريب الخبر بوجود جثة شخص شنق نفسه هي المليشيا ذاتها التي كانت تهدف لجعل الجريمة لا علاقة لها بها، حيث ستلقي باللائمة على الشاب المكحل وأنه أقدم على الانتحار.

غير أن هذه الرواية تراجعت كونه كان مختطف لديها بالسجن فكيف سيصدق الناس روايتهم، لتلجأ للتسريب بخبر محاولته الهروب بالخروج من احدى نوافذ حمامات إدارة الأمن، والقفز من الطابق الثاني ومن ثم التسلق على سور إدارة الأمن والقفز إلى خارجها ومن ثم وفاته متأثر بمحاولة الهروب، وهي الرواية الأخرى التي لم تصدق وقوبلت برفض واسع ومطالبات بإثبات ذلك عبر نشر تسجيلات كاميرا المراقبة الموجود في مباني إدارة الأمن، غير أن تسريبات المليشيا ذهبت للقول بأن الكاميرا كانت لا تعمل حينها، وهو ما يؤكد أن الشاب تعرض للتصفية المتعمدة من قبل قيادات المليشيا.

وحتى اللحظة لم تخرج المليشيا بأي رواية رسمية، بالرغم من الضغوط المجتمعية الواسعة والرأي العام، والأصوات المطالبة بإعلان روايتها في الحادثة وسبب وفاة الشاب حمدي عبدالرزاق، لكنها ملتزمة الصمت الذي يعد اعترافا بالجريمة التي لقيت استياء وغضب واسع في أوساط المواطنين.

المكحل في ذاكرة الجميع

الشاب “عادل طه” أحد شباب مسيرة الماء، وسبق وأن تعرض للاختطاف والتعذيب في سجون المليشيا، قال “المكحل مات.. سائق متر حر ارتفع صوته ومنها المطالبة بصرف رواتب الجنود والموظفين الذين تقاعسوا عن المطالبة بحقوقهم لن ننساك وستظل في ذاكرة الجميع، رحمة الله تغشاك ولا عزاء للجبناء”.

جريمة ممنهجة

الأديب محمد الهيصمي كتب قائلا: “كلما حاولت تجاهل الموضوع يزداد اكتئابي .. من ساعة ما سمعت الخبر..، هناك جريمة ممنهجة تقترف في حق سكان إب لإرهابهم وارعابهم واخراس أي محاولة لمواجهة الظلم الحاصل.. أو حتى مكاشفة الأحداث بشفافية”.

وأشار الهيصمي بمقصد حديثه بأنه يعني به مقتل المكحل الغامض، لافتا إلى أن “صمت الجهات التي تمت الجريمة على مقربة من مبانيها مخزي وفاضح ويقول أكثر من صمته”.

وأضاف الهيصمي : “كل هذا الترويع والغموض والموت بالجملة تحت غمامة كثيفة من فساد وضياع للقانون والحقوق وغياب لدور الدولة الحقيقي..، متسائلا : إلى متى … ؟!؟!، مختتما حديثه بالقول : قالت العرب قديما… (أشد ساعات الليل اسودادا هي تلك الأقرب لانبلاج الصبح …)..!!! أليس الصبح بقريب..”.

الناشط صدام مثنى علق قائلا: “لا خلاص.. وفينا ألف دجال وأفاق وكذاب! سيترك الأمر للإعلام وقوادي الزور الذي تعرفهم ونعرفهم جميعا.. ومن ثم فذاكرة العوام تتكفل بالباقي!”.

أما الشاب أبو رعد الصلاحي فوصف ما جرى بالقول : “هذا حال كل من يعمل عقله ويفكر حتى بواحد بالمائة فيه، والله إن الشاب المكحل ـ انتصر عليهم وترجل من منبره المتواضع بثقافته المتواضعة وبأسلوبه البسيط.. كن في رحاب الخالدين”.

فيما اتهم ابو بلال محمد البرعي مليشيا الحوثي بقتله، حيث علق على الجريمة بالقول : “لا انتحر ولا هرب ولا شنق نفسه ولا نط من فوق السور، عيال (..) قتلوه عنوه والقتلة معروف منهم”.

الناشط منير ابلان كتب قائلا : “من حق أبناء إب الاستياء من طريقة موت المكحل، فالمشكلة ليست في الموت، بل بطريقة الموت التي يسودها الغموض، والتساؤل الأهم لماذا لم تسلم جثة المكحل لأسرته لحد اللحظة، والقرار الأول يعود لأسرته بالقيام بعرض الجثة على طبيب شرعي أو القيام بدفنها”.

شاهد أيضاً

وزير النفط يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي أوجه الشراكة بين الجانبين.

  بحث وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد الشماسي، اليوم، في العاصمة المؤقتة عدن، مع رئيس ...