الجمعة , أبريل 19 2024 الساعة 03 04
آخر الأخبار
الرئيسية / الأخبار / تقارير وحوارات / الضَّغّاطة، الأمن الوقائي، المسلخ، المخابرات.. فزّاعات ميليشيا الحوثي لترويع المواطنين في مناطق سيطرتها.

الضَّغّاطة، الأمن الوقائي، المسلخ، المخابرات.. فزّاعات ميليشيا الحوثي لترويع المواطنين في مناطق سيطرتها.

متابعات” الوطن نيوز-المصدر أونلاين”
لا يكاد يمر يوماً واحداً دون أن يتعرض مدنيون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، إلى تهديد أو ترويع بالزج بهم في “الضغاطة” (سجون الميليشيا)، سواءً من أسر الجماعة السلالية أو من خلال مشرفيها وعناصرها الموزعين على نقاط التفتيش والمربعات والمديريات والأسواق، أو عبر عقال الحارات والمندوبين المنتشرين في تجمعات السكان.

“لازم ينضغط”، “جلده بيحكه”، “يشتي يدخل بيت خاله”، “كما بتنضغط”، “يحتاج الأمن الوقائي”، “المسلخ”، “الأمن والمخابرات”.. هذه الجمل وغيرها تهدد بها الميليشيا السكان في مناطق سيطرتها، موظفين مواطنين، باعة، متجولين، تجار، أصحاب محلات، مزارعين، ومسافرين؛ الجميع هناك بلا استثناء معرض لحملات الترهيب الحوثية، سواء في الأرياف أو المُدن.

هذه المصطلحات الحوثية الترهيبية المذكورة؛ المقصود بها سجون مروعة، وأجهزة تتولى التحقيقات، قد يدفع الشخص حياته ثمنا إذا وصل اليها لشدة التعذيب، وهو ما حصل بالفعل للعشرات من المعتقلين.

وجهاز الأمن والمخابرات هو جهاز استخباراتي استحدثته الميليشيا مطلع شهر سبتمبر من العالم 2019، بديلاً لما كان يعرف بجهازي الأمن “القومي والسياسي”، أما “الأمن الوقائي” فهو جهاز أمني مرتبط مباشرة بزعيم الجماعة “عبدالملك الحوثي”، ويعمل خارج الهياكل المعروفة في سلطة الميليشيا، ويعتبر الأكثر نفوذاً داخل الجماعة.

وشملت حملات الحوثيين الترويعية، دكاترة جامعات، موظفين في منظمات دولية، وأطباء، وموظفين حكوميين. كما شملت المواطنين الذين رفضوا الزج بأبنائهم في الجبهات، وآخرين رفضوا حضور الدورات الثقافية.

وكما هو معروف عند اليمنيين تعتقل ميليشيا الحوثي مئات المواطنين بشكل عشوائي “ممنهج” من نقاط التفتيش والأسواق والشوارع في مختلف المدن والمناطق الخاضعة لسيطرتها دون أسباب، وأحيانا يختلقون أسباباً تافهة ومضحكة يلفقونها بعد تفتيش الهواتف وبرامج وسائل التواصل.

في تقرير أصدرته منظمة سام للحقوق والحريات تحت عنوان “حواجز الخوف وإعلام التدليس”، قالت المنظمة إن “(38) حاجزاً أمنيا أنشأها الحوثيون في سبع محافظات؛ تمارس انتهاكات للحق في حرية التنقل والحركة، واحتجاز المواطنين في سجون خاصة بها”، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات “يصاحبها تدليس إعلامي وتلفيق اتهامات، وانتهاكات أخرى مثل الإخفاء والتعذيب”.

وحسب التقرير الصادر نهاية شهر فبراير الماضي فقد “التقى فريق سام بـ (15) ضحية مُورِس بحقهم تعذيب ومعاملة غير إنسانية ارتكبتها قوات الحوثيين في الحواجز الأمنية أو بعد نقلهم الى سجون الجماعة”.

تلميذ يُوقع بمدرسه

يقول “محمد سلطان” -اسم مستعار- مدرس بإحدى المدارس الحكومية إنهم أكثر فئات المجتمع الذين يتعرضون لحملات الترهيب والتهديد الحوثية، وذلك بسبب تعاملهم مع أبناء عناصر وقيادات الميليشيا في الفصول الدراسية.

ويضيف “سلطان” في حديث لـ “المصدر أونلاين”، ” كمعلمين لا نستطيع أن نسائل طالب ذو صلة قرابة بحوثي أو ابن عاقل حارة او مشرف حول واجباته أو تأخره أو تغيبه أو عدم التزامه بالزي لأننا سنتعرض لمضايقات منه أو من قريبه، بل إنني لا أستطيع أن أقول له كيف انتقلت الى هذا الفصل الدراسي وأنت راسب في مادتي، وذلك لأن مصيرنا سيكون معروف”.

وتابع: “نتكيف مع الوضع الراهن، رغم إيقاف مرتباتنا منذً سنوات، ونواصل رغم معاناتنا وبالأخير يجي حوثي يتهجم عليك أمام تلامذتك وزملاءك فقط لأنك سألت ولده أو عاقبته”.

وأشار الى أن أحد الطلاب هدد أحد المعلمين في العام 2021م بـ “الضغاطة” وهو ما حصل بالفعل عقب يومين فقط من خلاف نشب بين الطالب والمدرس، حيث قدم والد الطفل والذي يعمل مشرفاً لأحد مربعات صنعاء، الى المدرسة واقتاد زميلهم على متن طقمه إلى أحد الأقسام، ولم يخرج الا بعد شهر من السجن.

واستطرد التربوي “سلطان” ساخراً بالقول: “لقده تهديد وسجن سهل المهم ما يقتلوك(الحوثيين)”، لافتا الى حادثة وفاة معلم في مدرسة خاصة بعد تعرضه للضرب من قبل مسلحين بقيادة تاجر حوثي، واقتحام عنصر في الميليشيا لإحدى المدارس الحكومية الواقعة بين محافظتي إب وتعز.

نشطاء في مرمى سلطة الميليشيا

“استدعونا الى أحد أقسام المدينة، ومن ثم أخذونا الى شقة مجهولة ونحن معصوبي العيون وحققوا معانا وفتشوا جوالاتنا ولم يجدوا شيئاً للإدانة، فخيرونا بعد ساعات من الاحتجاز، اتبطلوا هداركم وبقبقتكم على وسائل التواصل، او نغيبكم عن عين الشمس، وندخلكم الضغاطة”، هذا ما تحدث به أحد أربعة نشطاء اعتقلتهم الميليشيا للتهديد وأفرجت عليهم لـ”المصدر أونلاين”.

الناشط قال إن “السبب وراء اعتقالهم كان تفاعلهم مع احدى الجرائم التي أقدم قيادي حوثي على ارتكابها في المحافظة، وأثارت ضجة في وسائل الإعلام والتواصل”.

وأضاف: “لسنا مشهورين حتى يتم استدعاؤنا من قبل الحوثيين، لكن هؤلاء ما عد خلوا أحد الا ويهددوا حتى وان كان مواطنا عادياً، لكن إذا غريمك القاضي من تشارع، الدولة دولتهم يأخذوا ايامهم”، “مشيرا الى أن “ذلك الاستدعاء كان بمثابة الإنذار لي وأصدقائي وتهديد صريح”.

وذكر الناشط أنهم قالوا له وزملائه “حتى وإن لم يكن عليكم أي سوابق، وأنتم مستمرين في نشر الأخبار عبر صفحاتكم، لخدمة العدوان ستكونون عرضة للاعتقال في أي وقت دون سابق انذار ولن يعرف أحد من غريمكم”.

وحسب إفادات متعددة لـ”المصدر أونلاين” من سكان في محافظات مختلفة، فإن المواطنين في مناطق نفوذ الميليشيا يخشون من الدخول في أي مشاجرات مع أي عنصر حوثي لأن مصيرهم بعد التهجم عليهم سيكون ضمن احد الخيارين اما القتل او الاعتقال والسجن التعذيب.

السجن ولا القتل

يقول الشاب “وسيم علي” إنه يفضل الاعتقال والسجن، حتى وإن تعذب حتى الموت في “ضغاطاتهم”، ولا القتل امام الملا بدم بارد، مشيرا الى أنه لن ينسى ما حدث أمام عينيه من جريمة حوثية بحق مواطن يبيع القات بين محافظتي ذمار والبيضاء.

وقال لـ”المصدر أونلاين” إنه كان مسافرا الى احدى محافظات شرق البلاد، وفي منتصف الطريق نزل مع قريب له لشراء القات من احد التجمعات، وعندما كانا أمام المقوت، قدم رجل مسلح حوثي على متن طقم، وبعد لحظات تشاجر مع المقوت على مبالغ مالية سابقة، وتطور الى الأمر الى اشتباكات بالأيدي ومن ثم استخدم القيادي الحوثي سلاحه الشخصي “مسدس”، وأطلق عليه بالرأس ليرديه قتيلا أمام الجميع ويمنع الحاضرين من اسعافه.

وبين الحين والآخر تقع حوادث مشابهة تبدأ باستفزازات حوثية وانتهاكات لمدنيين ويتطور الأمر الى خلاف ومن ثم الى عراك وقتل أو إصابة أو اعتقال.

وتستغل سلطة وعناصر الميليشيا نفوذهم لتهديد وابتزاز المواطنين والتجار وأصحاب المحلات والمؤسسات والمركبات والمسافرين، في جميع مناطق سيطرتهم، وإن رفض المدنيين الانصياع لعنجهياتهم وانتهاكاتهم المتعدد ساقوا لهم تهماً متنوعة بينها “داعشي، طابور خامس، مرتزق، مع العدوان.. الخ”، للنيل منهم.

ليس ترويع فقط

الأمر لا يقتصر على ترويع المواطنين؛ فقد وقع المئات من اليمنيين ضحايا حيث انتهى بهم الأمر كمعتقلين نتيجة وِشاية ما، عقب تهديد صريح بالسجن دون أي سبب او تهمة، خرج بعضهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، فيما لايزال الكثير في السجون يدفعون ثمن تلك الممارسات العبثية دون محاكمات.

وتوفي العشرات من المختطفين والأسرى في سجون مليشيا الحوثي بعمليات تعذيب جسدية مروعة بحسب تقارير حقوقية محلية وإفادات لأسر الضحايا، وكان آخر هؤلاء الضحايا ” عبد الحميد العجمي”، الموظف السابق في السفارة الأمريكية بصنعاء الذي توفي خلال الأيام الماضية.

وكانت منظمة “رايتس رادار” قالت في تقرير لها في شهر فبراير 2021م، إن جماعة الحوثي المسلحة ارتكبت 205 حالة قتل تحت التعذيب للمختطفين والمعتقلين في سجونها.

وفي شهر أغسطس من العام ذاته، قالت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الانسان، إنها رصدت أكثر 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون مليشيا الحوثيين، بينها 33 حالة تعذيب مفض للموت تعرضت لها نساء مختطفات.

ومع تزايد جرائم الاختطاف والإخفاء القسري، وانتهاج المليشيات للاعتقال كوسيلة احترازية لردع خصومها، والتنكيل بمخالفيها من المواطنين، وانتقامية لمعاقبة المناوئين لانقلابها، إضافة إلى كون الاعتقال والخطف، مصدراً للأموال الطائلة التي تدفع كفدية مقابل الافراج عن المعتقلين، تزايدت عدد السجون التي استحدثتها المليشيات خلال السنوات الأخيرة في جميع مناطق سيطرتها إلى جانب اقسام الشرطة والمعتقلات الموجودة منذُ سنوات.

شاهد أيضاً

تحذير أممي من إفشال الحوثيين لجهود السلام.. تفاصيل جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن.

  أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم الخميس، عن قلقهم إزاء تدهور الوضع الإنساني في ...